قصص من الميدان
ناصر يؤمن كرامة العيش بدءاً بتأمين متطلبات البقاء
"أخيراً تسلمت 20,400 ريال أول دفعة أجر عن أول فرصة عمل توفرت في منذ 22 شهراً." هكذا عبّر ناصر أحمد الداحنة عن بداية قصة تحسن أوضاع أسرته النازحة بعد مشاركته في العمل ببرنامج النقد مقابل العمل بمنطقة نزوحه في مدينة عدن. فر ناصر بأسرته ذات الستة أفراد من الحرب التي وصلت قريتهم "الوضيع" بمحافظة أبين مطلع أبريل 2015م، حاملاً القليل من الأثاث ليستأجر في النهاية منزلاً قديماً جدرانه تمتلئ بالثقوب الكبيرة التي لا تحمي الأسرة من الغبار والحر والمطر. فلم يمتلك ناصر مالاً كافياً لشراء ما يمكن أن يحمي أسرته أو يحفظ كرامة العيش بأدنى كميات الغذاء المطلوبة للبقاء. كانت آخر فرصة عمل لناصر مزارعا بالأجر اليومي مقابل أجر بسيط في الوضيع لكن كانت إقامة أفراد الأسرة في قراهم الصغيرة واستمرار ناصر في عمله مصدراً لمهماً لشعورهم بالاستقرار ونظام الحياة الاجتماعية الاعتيادية حيث كانت زوجته تهتم برعايته أبنائها وشئون الغذاء والنظافة وغيرها. غير أن حياة النزوح العصيبة في ظل انعدام فرص العمل والدخل قلبت ذلك الشعور رأساً على عقب، فأبنائها لم يعدو يذهبون المدرسة والابن الأكبر في التعليم الثانوي ليرافق أبيه طوال النهار في شوارع حي السعادة بعدن بحثاً عن فرص عمل تناسب مهارتهما المحدودتان، ولكن دون جدوى. لم يعد أحد يتجاوب لطلباته بالدين بعد فشله اليومي في الحصول على فرص عمل وتراكم مديونيتي السابقة لهم لدفع أجرة بيت الصفيح الذي لم يحم سقفه وجدرانه الصدئة والمثقبة خصوصية الأسرة ولا صغارهم من حر النهار ولا ملابسهم وأثاثهم البسيط من أمطار الصيف. كما لم تغط ابسط احتياجاتهم الغذائية البسيطة أو الدواء. وبسبب تراكم المطالب المنقذة للحياة، كثيراً ما اندلعت الخلافات بين الكبار ليزيد شعور ناصر بالإحباط واليأس. أمام تلك المسئوليات، لم يكن أمام زوجة ناصر سوى الخروج من نمط حياتها التقليدية مكرهة، يقول ناصر "مع ضغوط المطالبات بسداد الديون المتراكمة، رجعت المرة تدور بسباس الأحمر والزنجبيل والبهارات الرخيصة وتطحنهم وتبيعهم بين الحواري عشان نوفر لقمة للجهال." وجاء تدخل برنامج النقد مقابل العمل بمشروع تشغيل ودعم النازحين في حي السعادة بعدن بمثابة الغيث للأسر المستفيدة من المشروع بسبب ما تمر به البلاد من أزمات، فنبتت بذرة الأمل من جديد في نفوس النازحين الذين فقدوا مصادر دخلهم، وقد بلغت كلفة المشروع (90,000$) الذي يتكون من ازالة المخلفات وترميم بردورات الشوارع والتوعية الصحية والتدريب على مهارة العمل. لكن ما ان تلقى ناصر أول دفعة عن أجر عمله في البرنامج، حتى توجه لشراء أهم أولويات أسرته، يقول "والله فرحنا بالأجر وخارجنا جزء من الديون وطلعنا منها راشن (مصاريف) للبيت مثل الدقيق وسكر وزيت." ويخطط ناصر لمعالجة عيوب المنزل بتلقيه الدفعة القادمة من أجرته.
إنضم إلينا